بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم
وبعد :
فإلى من يطلع على مقالي هذا السلام عليك ورحمة الله ،
أهل الموفد :
لا أدري من أين أبدأ و كيف أبدأ ؟ ، فلعله يحسن أن أقدّم بمقدمة أذكر فيها ما أحب أن يعلمه جميع الاخوة والأخوات ومن ثم أعرج على نقل واقع يعانيه الطلاب الليبيون في هذه الدولة الفقيرة من الليبيين ....
تعلمون -رعاكم الله- ويعلم الجميع أن غالب من يفكر في مجال التعليم -الدنيوي- خارج ليبيا فإن ذهنه ينصرف إلى دول التقدم والرقي -كما يقال- ولكن ثمة أمر قد يخفى على كثير من الليبيين ألا وهو مجال الدراسات الشرعية ، وقلّ من يتجه هذا التوجه في طلب العلم -مقابل الأعداد الهائلة في مختلف العلوم الأخرى- وليس تقليلا من شأن العلوم الأخرى فبها نحقق قول الله تعالى : ( وأعدوا لهم ماستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ...) ، ولكن لايشك أحد أن طلب العلم الشرعي فيه من الفضائل العظيمة والحسنات الجسيمة مالا يخفى على ذي اللب ! بل قد يكون واجبا ....وكفى به فضلا وشرفا أن الله استشهد بأهله على أجل مشهود وأعظمه ألا وهو وحدانيته سبحانه فقال تعالى : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وألو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) وقد امتدح أهله وخصهم وحباهم بالذكر والثناء العطر في كتابه العزيز فقال تعالى : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا بعلمون؟ ) ولم يطلب الله من رسوله الازدياد من شيء إلا العلم فقال تعالى : ( وقل ربي زدني علما ) وأهل العلم قد رفعهم الله درجات فوق غيرهم فقال تعالى : ( يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) كما أنهم أخشى الناس لله وأتقاهم لربهم قال تعالى : ( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء ) .... وإلى غير ذلك من الآيات التي يشق حصرها وجمعها في فضل العلم وفضل أهله ، وكذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في الحث على طلب العلم الشرعي وذكر شيء من فضله فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( ..ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهّل الله له به طريقاً إلى الجنّة ) أخرجه مسلم (2699) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله عزّ وجلّ به طريقاً من طرق الجنّة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر) وهو حديث حسن رواه أبو داود (3641) و(3642)، والترمذي (2682)، وابن ماجه (223) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلاّ من ثلاثة، إلاّ من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم (1631) .... وغيرها من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الحث على طلب العلم وبيان مكانة أهله ، ولا أريد أن أطيل عليكم ، وأكتفي بهذا في هذه العجالة ...
فإذا وضح لكم هذا الأمر فاعلموا أن قصة اختيار ساحة المملكة العربية السعودية تبدأ من هنا !!!
فكما يعلم الجميع أن بلادنا -ليبيا حرسها الله- تعاني من انعدام العلماء وشح شديد في من يعلم الناس دينهم ، وإن وُجد فلا يخلوا من شوائب تشوبه إلا من رحم الله وعصم ، قأحسّ بعض الشباب المخلص بحاجة بلاده إلى من يعلم الناس أمور دينهم ويرجع بهم إلى النهج الصحيح الذي قد اختل وبُدل وغير في كثير من الأمصار وعلى مر الأعصار ، وكما نشاهد اليوم -واأسفاه- فهذا يكفر المسلمين ويتقرب إلى الله بسفك دمائهم -أنصارَ شريعةٍ زعموا!!- وذاك يطوف القبور ويزور الأضرحة تقربا لأصحابها ويدعو غير الله سبحانه ! ، وآخر ينبذ الإسلام وراء ظهره بدعوى الرقي والتقدم ! ، وحدث عن البدع والشركيات ودعاة الفسق والمجون ولاحرج ! نعم ... فهذا هو السبب -الحقيقي- الذي دفع قلة قليلة لاختيار هذه الساحة على مافيها من صعوبة -بل صعوبات- ، وقد تجشموا الصعاب والمشاق في سبيل تحصيل العلم الشرعي الصحيح فلله درهم وعلى الله أجرهم ، ولم يطلبوا غرضا دنيئا ولا مطمعا دنيويا بل لجؤوا إلى الله وأخلصوا له وصدقوا في توكلهم عليه فكفاهم سبحانه وتعالى .
واختاروا المملكة العربية السعودية محطة لطلب العلم وذلك يرجع لأسباب عدة منها أن فيها أشرف بقعتين على وجه الأرض -مكة والمدينة- وفيها مهد الرسالة ومبعث الهادي الأمين صلى الله عليه وسلم ، ومنبع الوحي الصافي ومنهما انتشرت رسالة الإسلام الخالدة ، وكذلك فيهما كثير من العلماء المعتدلين فلا تطرفا ولا انحلالا ، بل هم على الكتاب والسنة سائرون بفهم السلف الصالح رضوان الله عليهم متمسكون ........
وللحديث بقية -وهو ذو شجون- فارتقبوا يارعاكم الله .....