.كتب
محمد سالم مرشان
لم أندهش كثيراً عندما عرفّني الشخص الجالس بجانبي في الطائرة على الدرجة الأولى بنفسه ، و بأنه المراقب المالي الجديد لسفارتنا في دولة "البرنسال" الصديقة ، و لكنني أندهشت كثيراً عندما رأيته يحاول جاهداً أن يشرح بلغة "الأشارات" لمضيفتنا التي حاولت هي الأخرى أن تفهم قصده و هي تتحدث معه بثلاث لغات "حية" إضافة إلى لغة حضارتها، بأنه بحاجة إلى قرصي "بانادول" لعلاج صداع رأسه .
و لكن دهشتي زادت و تضاعفت عندما تضايق مراقبنا المالي كثيراً من مضيفتنا وهي تحاول أن تفهمه بأنها لا تستطيع إعطاؤه هذا المسكن إلا بأمر من طبيب أو صيدلي مرخص له ، و لذلك ستقوم بالأعلان في الطائرة بأن هناك مريضاً بحاجة إلى إستشارة طبية ، وإذا وجد هذا الخبير بالدواء فإن هناك "بروتوكولاً" لابد من إتباعه حتى يتم صرف "البرنسامول" و الذي هو من إنتاج دولة "البرنسال" طبعاً ، فقوانين هذا البلد تعطي الأولوية لإنتاجها قبل منتجات باقي الدول ، و لذلك فعلى طائراتهم يضعون في صناديق الأسعافات الأولية أقراص "البرنسامول" و ليس "البانادول".
عندما أكملت المضيفة إجراءات صرف هذين القرصين "اللعينين" و اللذين زادا من صداع خبيرنا المالي قبل أن يحصل عليهما ، و التي إنتهت بإمضائي على النموذج الخاص بذلك و أخذ بياناتي الكاملة ، فاجأني بقوله "عندما كنت مراقباً مالياً في مستشفى (فزبنغابلس) كنت نقّدر نصرف شاحنة بانادول ، مش حبتين داروليّ عليهم عرس...".
عند منتصف الرحلة و بعد أن إلتهم مراقبنا تقريباً كل ما قدم له من طعام و "شراب" و خبز إضافي ، أخذ حقيبته التي طبع عليها إسم وشعار المؤتمر الطبي "الجماهيري" ومن "الحد للحد" و أخرج منها "كمبيوتراً كفياً" لم أرى له مثيلاً من قبل و كأنه "آيباد" من شركة التفاحة "المنتوشة"، فأستغفرت الله في نفسي التي ظنت بأن هذا الشخص هو أبعد ما يكون عن العلوم والتكنولوجيا بعد أن تبين لي جهله التام باللغة الأنجليزية ، إلا أنها سرعان ما أنفرجت أسارير نفسي ثانية عندما فتح الخبير برامج الألعاب و أبتدأ "بالكارطة" السوليتير و التي أكاد أجزم بأنه لا يوجد موظف حكومي ليبي "إلا ما رحم ربي" لم يصل إلى أعلى مستوياتها و التي تكتسب بالمران و التكرار المستمر للعب و إعادة الجولة تلو الأخرى .
بعد أن ملّ مراقبنا "الخمسيني العمر" من الكارطة ، فتح لعبة السيارات فأبطال النينجا فالطيور الغاضبة و أكمل لعبه عند قرب وصولنا بلعبة سونيك "الإصدار الأخير" .
لم يكلف مراقبنا المالي نفسه عناء شكري لتحملي مسئولية صرف البرنسامول و لا حتى بأبتسامة رضىً ، الأمر الذي جعلني أنفر منه طوال الرحلة , و أوجه بصري نحو نافذة الطائرة .
عندما هبطت الطائرة بسلامة الله أرض المطار صاح مخاطباً رفيقه بالقول "أن شاء الله غير حاجزيللنّا الليلة في خمس نجوم ، أحسن مانديرلهم ليلة حرفّة".
عندها فقط تيقنت فعلاً بأن ثورتنا "الفبرايرية طبعا"ً قد نجحت و آتت أكلها و بأننا على درب التقدم سائرون ، دمتم بسلام و أدام الله عليكم الصحة والعافية و حفظكم من شر التعامل مع "مكاتبكم الشعبية" في الخارج .
*"القصة حقيقية مع الأحتفاظ ببعض التفصيلات"
محمد سالم مرشان
لم أندهش كثيراً عندما عرفّني الشخص الجالس بجانبي في الطائرة على الدرجة الأولى بنفسه ، و بأنه المراقب المالي الجديد لسفارتنا في دولة "البرنسال" الصديقة ، و لكنني أندهشت كثيراً عندما رأيته يحاول جاهداً أن يشرح بلغة "الأشارات" لمضيفتنا التي حاولت هي الأخرى أن تفهم قصده و هي تتحدث معه بثلاث لغات "حية" إضافة إلى لغة حضارتها، بأنه بحاجة إلى قرصي "بانادول" لعلاج صداع رأسه .
و لكن دهشتي زادت و تضاعفت عندما تضايق مراقبنا المالي كثيراً من مضيفتنا وهي تحاول أن تفهمه بأنها لا تستطيع إعطاؤه هذا المسكن إلا بأمر من طبيب أو صيدلي مرخص له ، و لذلك ستقوم بالأعلان في الطائرة بأن هناك مريضاً بحاجة إلى إستشارة طبية ، وإذا وجد هذا الخبير بالدواء فإن هناك "بروتوكولاً" لابد من إتباعه حتى يتم صرف "البرنسامول" و الذي هو من إنتاج دولة "البرنسال" طبعاً ، فقوانين هذا البلد تعطي الأولوية لإنتاجها قبل منتجات باقي الدول ، و لذلك فعلى طائراتهم يضعون في صناديق الأسعافات الأولية أقراص "البرنسامول" و ليس "البانادول".
عندما أكملت المضيفة إجراءات صرف هذين القرصين "اللعينين" و اللذين زادا من صداع خبيرنا المالي قبل أن يحصل عليهما ، و التي إنتهت بإمضائي على النموذج الخاص بذلك و أخذ بياناتي الكاملة ، فاجأني بقوله "عندما كنت مراقباً مالياً في مستشفى (فزبنغابلس) كنت نقّدر نصرف شاحنة بانادول ، مش حبتين داروليّ عليهم عرس...".
عند منتصف الرحلة و بعد أن إلتهم مراقبنا تقريباً كل ما قدم له من طعام و "شراب" و خبز إضافي ، أخذ حقيبته التي طبع عليها إسم وشعار المؤتمر الطبي "الجماهيري" ومن "الحد للحد" و أخرج منها "كمبيوتراً كفياً" لم أرى له مثيلاً من قبل و كأنه "آيباد" من شركة التفاحة "المنتوشة"، فأستغفرت الله في نفسي التي ظنت بأن هذا الشخص هو أبعد ما يكون عن العلوم والتكنولوجيا بعد أن تبين لي جهله التام باللغة الأنجليزية ، إلا أنها سرعان ما أنفرجت أسارير نفسي ثانية عندما فتح الخبير برامج الألعاب و أبتدأ "بالكارطة" السوليتير و التي أكاد أجزم بأنه لا يوجد موظف حكومي ليبي "إلا ما رحم ربي" لم يصل إلى أعلى مستوياتها و التي تكتسب بالمران و التكرار المستمر للعب و إعادة الجولة تلو الأخرى .
بعد أن ملّ مراقبنا "الخمسيني العمر" من الكارطة ، فتح لعبة السيارات فأبطال النينجا فالطيور الغاضبة و أكمل لعبه عند قرب وصولنا بلعبة سونيك "الإصدار الأخير" .
لم يكلف مراقبنا المالي نفسه عناء شكري لتحملي مسئولية صرف البرنسامول و لا حتى بأبتسامة رضىً ، الأمر الذي جعلني أنفر منه طوال الرحلة , و أوجه بصري نحو نافذة الطائرة .
عندما هبطت الطائرة بسلامة الله أرض المطار صاح مخاطباً رفيقه بالقول "أن شاء الله غير حاجزيللنّا الليلة في خمس نجوم ، أحسن مانديرلهم ليلة حرفّة".
عندها فقط تيقنت فعلاً بأن ثورتنا "الفبرايرية طبعا"ً قد نجحت و آتت أكلها و بأننا على درب التقدم سائرون ، دمتم بسلام و أدام الله عليكم الصحة والعافية و حفظكم من شر التعامل مع "مكاتبكم الشعبية" في الخارج .
*"القصة حقيقية مع الأحتفاظ ببعض التفصيلات"