تؤكد لنا الشواهد التاريخية بان هناك ارتباط كبير ظهر منذ القدم بين حركة السفر والتنقل وبين الدوافع الدينية التي ظهرت من وراء حركة السفر . إن الانتقال والسفر ظاهرة قديمة وبدائية بدأت مع وجود الانسان , غير أن هذا الانتقال من مكان إلى أخر كان قد اكتسب معنى مختلف في البداية وذلك تبعا لدوافع ورغبات الانسان في العصور القديمة, فبينما كان يتنقل من أجل دوافع الصراعات والحروب من جهة , كان يتنقل من أجل اقامة علاقات دبلوماسية والتبادل التجاري من جهة أخرى, وبينما كان يتنقل بحثا عن العشب والكلأ ومصادر المياه من جهة , كان يتنقل من أجل التبشير والدعوة الدينية من جهة أخرى .

هذا , وقد ارتبطت حركة السفر بالديانات السماوية الثلاث " اليهودية والمسيحية والاسلام " من منطلق أن أتباع هذه الديانات كانوا يقومون بهذه الحركة إما هروبا من الاضطهاد الديني لهم من جهة , أو للعثور على أماكن جديدة لنشر الدعوة الدينية من جهة أخرى . على سبيل المثال خلال فترة العصور المظلمة ظهر الدين الاسلامي وانتشر في بلدان كثيرة في العالم, وبظهور هذا الدين شهدت حركة السفر والانتقال انتعاشة أخرى جديدة حيث أصبح السفر ضروري جدا في هذه الفترة من أجل البحث عن أماكن جديدة للدعوة إلى الدين الاسلامي بعد اضطهاد الكفار لمسلمين في مكة المكرمة وكذلك من أجل فتح العديد من البلدان وضمها إلى لواء الاسلام .

لاننسى أيضا ضمن هذا السياق رحلات الحج الدينية التي ظهرت منذ القدم لزيارة الأماكن المقدسة لدى أتباع الديانات المختلفة , هذه الرحلات لاتزال بالطبع موجودة إلى الأن ومن أشهرها رحلات الحج الديني المسيحية والتي نشطت في عصور ازدهار السفر التي تزامنت مع نهاية العصور المظلمة في أوربا وذلك لزيارة الأضرحة الدينية المقدسة في بريطانيا وكذلك زيارة الأراضي المقدسة للتكفير عن الخطايا والحصول على الغفران . وبعد فتح مكة وانتصار الاسلام أصبح السفر إلى مكة ركن أساسي لكل مسلم ومسلمة من أجل زيارة بيت الله الحرام وأداء الفريضة الخامسة في العقيدة الاسلامية " حج البيت لمن استطاع اليه سبيلا".

هذا وتشكل مقومات الجذب الدينية أهم مقومات السياحة البشرية نظرا لأهميتها وقدسيتها عند قطاع عريض من البشر ولتعلقها بدين وعقيدة أي شخص , لذلك نجد هنا أن البلدان التي تتوفر فيها هذه المقومات تقوم باجتذاب أعداد كبيرة من السواح سنويا مستفيدة بذلك من تحقيق ايرادات سياحية كبيرة . ومن أهم المراكز الدينية الموجودة في العالم مكة المكرمة والمدينة المنورة ي السعودية واللتان تمثلان أهمية خاصة ومقدسة في نفوس المسلمين الذين يقومون سنويا بزيارتهما . كذلك نجد أن الفاتيكان في ايطاليا أهمية خاصة في نفوس ملايين الكاثوليك والذين يقومون أيضا بزيارته سنويا , كذلك نجد أن القدس الشريف أيضا موضع زيارة واهتمام أصحاب الديانات الثلاث( اليهودية والمسيحية والاسلام).